كنت اقوم البارحة بتدريس ابنتي الكبرى فرح مادة التربية الاسلامية و عرفنا العبادة على أنها إسم جامع لكل ما يرضي الله تعالى من قول و عمل ظاهرا و باطنا …
و كانت من الأسئلة ما هي الامور التي يبغضها الله تعالى فكان منها الكذب و هنا لم استطع الاستمرار فوضعت الكتاب و بدأت أحدثها عن أهمية الصدق في نجاح الإنسان و أن الكذب هو مفتاح الهزائم النفسية و التي تودي بالإنسان الى الشعور بالضعف و الإنهزامية و الإفتراء بأن بعض ما يقوم به يكون مجبر عليه إما لغلبة نوم أو لغلبة طعام أو لحبه الشديد للعب …
و بعدها قمت بالخروج لزيارة إحدى الدواوين (مكان يجتمع فيه الرجال في الكويت) لأصدقاء أكن لهم كل المودة و أستفيد و أتعلم من مجالسهم و طرحهم البناء و بعد أن أنهينا الدراسة و الحديث كان وقت العشاء فقاموا مشكورين بإحضار طبق فيه من طيب الطعام فإعتذرت و أخبرتهم بأني قد قررت عدم أكل شيء ليلا وإن كنت مجبرا فقطعة من الفاكهة و أني قد خالفت برنامجي هذا بالأمس و قد تعبت و أجهدت من إثر ذلك اليوم …
فرد علي صاحبي وهو ممن تميز بالحلم و الحكمة بأنه لا يقوى على مقاومة العشاء فقلت له كذبت …
نحن نقرر ما نقوم به …
ولم أحاول إكمال الحديث لأني كنت على موعد آخر بعد دقائق.
و في الصباح الباكر لم استطع ان افكر في موضوع آخر غير حديثي مع صديقي و مع إبنتي و ربطهم بالنجاحات حتى أخذت الهاتف الجوال و بدأت بالكتابة …
و تذكرت بعض لقاءاتي السابقة مع مدراء الشركات عندما كنت أحدثهم عن التوجيه وأثره في تطوير المؤسسات و كانوا يصرون على أن مشاكلهم الحقيقة هي مشاكل خارجية وأن مشاكلهم الداخلية تحت السيطرة و عندهم القدرة والكفاءة على حلها …
فقمت بسؤال مدربي و موجهي دوشان (Dusan) صاحب كتاب قيادة الخط المستقيم (straight line leadership) عن مصداقية ذلك فكان رده بدون تردد أو تأخر “إن الضعف الداخلي هو أكبر أسباب المشاكل الخارجية ” فقلت له هناك قوانين و أمور وضعتها الدولة فكيف نقوم بالعمل وهذه القوانين تشل حركة الأعمال فقال
“إن الموظفين في الشركة بشر …
و إن الموظفين في وزارات الدولة بشر …
ومن طبيعة البشر الحوار فنقوم بتأسيس إدارة تقوم بمناقشة هذه القوانين و عمل الدراسات اللآزمة و التعاون مع الشركات و الجهات الرسمية لتذليل العقبات و العمل على تطوير و تعديل هذه القوانين و الشروط التي وضعت من قبل أشخاص يصيبون و يخطؤون و هذا الحل يناسب الشركات الكبيرة …
أما الشركات الصغيرة فلا تملك القدرة على ذلك فتقوم بإعتبار هذه القوانين هي شروط اللعبة ففي كرة السلة يمنع اللاعب من ركل الكره و في كرة القدم يمنع اللاعب من مسك الكره بيديه الا حارس المرمى وفقط في منطقة محدده وكل منهم يقوم باللعب وفق شروط و ضوابط لعبته …
فلماذا نفكر فيما لا نستطيع تغييره و ننسى واجباتنا و مسؤوليتنا في تطوير أعمالنا و تدريب و تأهيل موظفينا لكي ننتقل بشركتنا الى آفاق و مستويات جديدة و كبيرة …
و اعلم أننا بحاجة ماسة الى ثقتنا بأنفسنا و بناء الصدق مع الذات قبل الصدق مع الناس بأن نقوم بالإختيار و الإعتراف بمسؤليتنا إتجاه أنفسنا و أعمالنا و نتحمل كافة النتائج التي تنتج من أفعالنا ولا نحاول تعليق الأمور على أنها خارج سيطرتنا …
نعم هناك أمور هي من صلب صلاحيات أشخاص آخرين فواجبنا محاورتهم فإن وافقوا فهذا شأنهم و إن رفضوا فهذا شأنهم ولنعلم أن دورنا هنا فقط هو محاورتهم و ليس إجبارهم أو العيش كضحية نتيجة رفضهم …”
و أضيف هنا أن هناك أمور ربانية ليس لنا دور أو يد فيها فيجب علينا الرضى و معرفة أن هذا ما تم …
وهو الواقع الحالي وهو من عند الله اللطيف الخبير الرحيم فلطفه و خبرته و رحمته هي سبب ما حدث مهما كان ما حدث محزن أو مفرح
ونسأل أنفسنا دائماً ما هو أفضل ما نستطيع ان نقوم به الآن بامكاناتنا وعلاقاتنا الحالية …
ثم نقوم به فورا.
مقال رائع
فمثال الشركه الذي ذكرته بعذر مشاكل خارجيه ،،
هو هروب من الواقع وهو ما يجعل
باب الكذب مفتوحاً
صح لسانك بومحمد
وفقك الله أ. سالم
استفدت واستمتعت بهذه المقالة النافعة
مقالة في قمة الروعه والفائده جزاك الله كل الخير
مقال مميز وجهد مشكور،
وقد حض ديننا الحنيف على الصدق قولا وعملا ، وهذا مايجب أن نغرثه فى اطفالنا منذ الصغر لان من شب على شيْ شاب عليه ومن الاقوال المأثور لامير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه
( عليك بالصدق ولو قتلك وأحذر صديقك الإ الامين )
صدقت بو محمد فأحيانا الخطأ علي شماعة الظروف الخارجية قبل ان نفكر في داخلنا
ما شاء الله، كلام جداً رائع والأفضل منه ان يسمع الكلام الناس ويعتبروا منه؛ بدءا بنفسي.
جزاك الله خير، أخوك/ أسامة إبراهيم عبدالله الصالح – بوضاري
جزاك الله خير علي الموضوع الممتاز اتمني من الناس ان تعرف ان الصدق هو طريق الايمان
سألني واحد من الأخوان الطيبين (بالإشارة الى ردي): هل تكذب؟ فقلت له : ان الاستاذ سالم قصد اننا يجب ان نحاسب نفسنا عن ماذا عملنا وماذا سنعمل، قبل ان نلوم غيرنا او نلوم الظروف او الاقتصاد. وليس قصده الكذب حرفيا. هذا ما فهمته أنا. يا استاذ سالم: فهل أنا قريب بفهمي هذا؟ ارجوا الرد منك، في مقالتك القادمة. شكرًا
هذا بالضبط ما عنيته
فمراجعة مصداقيتنا بالوعود التي قطعناها على انفسها و مع غيرها والإيفاء بها يجب ان يكون محور تركيزنا وإهتمامنا
شاكر لك ردك يا استاذ، ودائما انت ممتع بالذي تكتبه. الله يوفقك ويوفقنا جميعا. اخوك/ اسامة الصالح – بوضاري